محاضرة بعنوان: منعرجات الكتابة التاريخيّة في المغرب: من التشكّل إلى الطفرة للأستاذ عبد الرّحيم بن حادة -16 ديسمبر 2025

تسعى المحاضرة إلى تقديم قراءة مركّزة لمسار تشكّل الكتابة التاريخية بالمغرب ومنعرجاتها الكبرى، منذ المرحلة السابقة على المأسسة والمهننة إلى الراهن، وذلك ضمن منظور معرفي يستحضر السياقات السياسية والثقافية التي أحاطت بكل مرحلة. وانطلاقاً من المبدأ الذي يقرّ بأن الظواهر التاريخية لا تُفهم خارج شروط إنتاجها، ولأن الفصل بين النص والسياق أو الوقوع في الأنكرونيا من أكبر المخاطر المنهجية التي يتفاداها المؤرخون، فإن تتبع التطور الداخلي للخطاب التاريخي بالمغرب يفرض نفسه باعتباره مدخلاً لا غنى عنه لفهم هذا الحقل المعرفي ورهاناته.
جرى تقسيم الدراسة إلى خمس لحظات كبرى. تتناول اللحظة الأولى زمن ما قبل المأسسة والمهننة، مع التركيز على طبيعة الفاعلين الذين اضطلعوا بتدوين التاريخ وأنماط الكتابة التي راجت إلى حدود نهاية القرن التاسع عشر. أمّا اللحظة الثانية فتهتم بمرحلة المأسسة الأولى الممتدة من 1903 إلى 1956، والتي تميّزت بصعود الكتابة التاريخية الحديثة وتداخلها مع مشاريع الاستعمار الفرنسي. وتأتي اللحظة الثالثة، الموسومة بكتابة التاريخ في فجر الاستقلال (1957–1976)، لتسلّط الضوء على مسار المهننة، أي نشأة الجامعة المغربية وتبلور تكوين أكاديمي منهجي أفرز أجيالاً من الباحثين، إلى جانب تحليل أبرز الإنتاجات التاريخية التي بصمت هذه المرحلة ذات الطابع التحريري والسجالي. أما اللحظة الرابعة، الممتدة بين 1976 و1997، فتنصرف إلى إبراز صعود التاريخ الاجتماعي وعودة الاعتبار للنصوص الوثائقية والمصادر المخطوطة، عبر جهود الجمع والتحقيق والدراسة التي أعادت تشكيل قاعدة المادة التاريخية. في حين خُصّصت اللحظة الخامسة لمرحلة “الطفرة والوفرة” التي بدأت سنة 1997 واستمرت إلى غاية 2022، حيث شهد الحقل التاريخي توسعاً ملحوظاً في الإنتاج وتعدداً في المقاربات والحقول البحثية، ما استدعى تحليل دوافع هذا التحوّل ورصد تجلياته واتجاهاته الغالبة.

Pin It on Pinterest

Agence de création site web en Tunisie

2019 © Beit al Hikma