تنزّل الكتاب ضمن المنشورات العلميّة للمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة”، ويهتم بطبيعة التحوّلات الفكريّة والعلميّة التي أملاها علم الترموديناميك La) (thermodynamique تلك التي تتعلّق بالظواهر الفيزيائيّة والبيولوجيّة والكونيّة بشكل عام. فقوانين الديناميكا الحراريّة ذات تأثير في فهم نظام الكون وفقا للمؤلّف لأنّها أملت إعادة النظر في عديد المسلّمات، وصحّحت الكثير من المفاهيم الكلاسيكيّة وحسمت الكثير من الإشكاليات ذات العلاقة بالتعقيد الفيزيائي والبيولوجي La complexification)) موفّرة الشروط العلميّة لفهم قضايا اللامتناهي والطاقة ونظام الكون. وفي هذا السياق يشدّد الدكتور رفيق بوخريص على الديالكتيك الأبدي بين الفلسفة والعلوم، فبفضل النزعة الإشكاليّة الفلسفيّة يقتحم العلماء جميع القضايا سعيا إلى الحقيقة، سلاحهم في ذلك النسبيّة، لذلك أبرز الكاتب أهميّة نظريات النسبيّة والكميّة والتصحيح الدائم، وبفضل الاكتشافات العلميّة يتجدّد السؤال الفلسفي انسجاما مع مقولة ليوناردو دي فنشي “أنبل الملذّات بهجة الفهم” التي افتتح بها الدكتور بوخريص مؤلّفه مميّزا بين الوعي الإشكالي المتسائل على دوام والدغمائيين غير المعنيين بطرح الأسئلة الوجوديّة والكوسمولوجيّة، والثائرين ضد المولعين بعناء السؤال.
ورد الكتاب باللّغة الفرنسيّة، ثمّ عرّبه الدكتور عبد المجيد الشرفي مؤكّدا في تقديمه على أنّ “الدكتور رفيق بوخريص كان طبيبا يداوي المرضى وخصّص هذا الكتاب رغم ذلك لدراسة موضوع بعيد نسبيا عن اختصاصه، يطرقه عادة علماء الفيزياء والفلك بالخصوص، فلأنّه قصَد الاطّلاع على ما وصلت إليه المعرفة في هذا المجال، معتبرا أنّ انعكاساته تتجاوز المختصّين فيما يسمّى العلوم الصلبة – التي كانت تسمّى دقيقة أو صحيحة، ثمّ تمّ العدول عن وصفها هذا − إلى جميع الذين يرغبون في فهم عالَمنا وأسراره. وكذلك الشأن بالنسبة إلى مترجم هذا الكتاب إلى العربية، وهو المكتوب في الأصل بالفرنسية. فقد أتى المعرِّب من اختصاص ينتمي إلى علوم الإنسان والمجتمع، ولكنه يعتبر أنّ الدارس لتاريخ الفكر الإسلامي والمعتني بالقضايا المعرفية التي يواجهها في راهنه يتحتّم عليه الاهتمام بالنظريات التي تتعلّق بالقوانين التي يسير عليها الكون وبنشأته ومصيره ومنزلة الإنسان فيه، حتّى لا يكون الفكر الديني الحيّ في واد، والمعرفة الحديثة المتداوَلة في مجال العلوم الصلبة في واد آخر“.

Pin It on Pinterest

Agence de création site web en Tunisie

2019 © Beit al Hikma